ترجمة أ نوره الدوسري
التعامل مع الصراعات وتعزيز الروابط القوية
من الطبيعي أن يتشاجر الأشقاء من وقت لآخر، لكن هناك استراتيجيات يمكن للآباء اتباعها لمساعدتهم على التفاهم ودعم بعضهم البعض.
تحديد مصدر الصراع
الخطوة الأولى هي التعرف على سبب الخلاف. غالبًا ما يتصارع الأشقاء بسبب مشاركة الأشياء، مثل الألعاب المفضلة، المساحة المحدودة، أو اهتمام الوالدين. يمكن للآباء تفادي المشاجرات عن طريق وضع قواعد واضحة. على سبيل المثال، يمكن التناوب على اختيار ما يُعرض على التلفاز أو حتى من يحصل على قبلة المساء الأخيرة. ضع جدولًا، وعلّقه في مكان واضح، وتأكد من فهم الجميع للقواعد.
قد يحتاج الأطفال لبعض الوقت للتعود على النظام الجديد. يمكن للآباء دعمهم من خلال تقديم الكثير من المديح عند اتباع القواعد: “عمل رائع في إعطاء أخيك الجهاز اللوحي فور انتهاء دورك!” كما يساعد تجاهل الشكاوى قدر الإمكان حتى لا يتعلم الأطفال أن التذمر يجذب الانتباه. مع مرور الوقت، سيعتادون على القواعد.
في بعض الأحيان، لا تنطبق نفس القواعد على جميع الأشقاء بنفس الشكل — فمثلًا قد يكون للطفل الأكبر وقت نوم متأخر. مناقشة هذه الاختلافات بصراحة تساعد الأطفال على فهم سبب وجود هذه القواعد وقبول ما قد يبدو لهم غير عادل في البداية. إذا كان الطفل الأكبر يتحمل مسؤوليات عائلية أكثر من إخوته الأصغر، فمن المهم التواصل معه باستمرار والتأكد من أنه يعرف متى يطلب المساعدة والدعم.
أخيرًا، ركز على الجوانب الإيجابية لوجود الأشقاء. ابحث عن أنشطة جماعية تساعدهم على الترابط، وامتدحهم عند تعاونهم أو معاملتهم لبعضهم بلطف. يمكن أيضًا منحهم امتيازًا خاصًا للعمل كفريق، مثل رحلة يومية أو وجبة مميزة يتطلعون إليها جميعًا.
وضع القواعد الأساسية
لفهم كيفية إدارة الصراع بين الأشقاء، من المهم معرفة جذوره. تقول ميغ غليك، أخصائية اجتماعية سريرية: “الكثير من مشاجرات الأشقاء تتعلق بمحاولة الحصول على الاهتمام أو شيء ملموس مثل “لعبة.” غالبًا ما يتشاجر الأطفال بسبب الوصول المحدود إلى الأشياء التي يرغبون فيها.
إحدى أفضل الطرق لتجنب هذا النوع من الصراع هي وضع جداول وأنظمة واضحة في وقت يكون فيه الجميع هادئًا. على سبيل المثال، إذا كان أطفالك يتشاجرون دائمًا حول من يختار ما يشاهدونه على التلفاز، يمكن وضع جدول بالتعاون معهم وعلقه في مكان واضح للجميع. يمكن للأطفال التناوب يوميًا أو تقسيم الوقت إلى فترات نصف ساعة. ويمكن تطبيق نفس الفكرة على مشاركة الألعاب، اختيار مسارات المشي العائلية، أو حتى تحديد من يحصل على قبلة المساء الأخيرة من الوالدين.
ينطبق هذا أيضًا على تحديات مشاركة المساحة. على سبيل المثال، إذا كان أحد الأطفال بحاجة إلى الدراسة في وقت محدد والمساحة محدودة، يمكن الاتفاق مسبقًا على أن تكون هذه الساعات وقت هادئ للجميع. معرفة ما يجب توقعه تساعد الأشقاء على البقاء هادئين وإدارة الإحباط عند عدم حصولهم على ما يريدون في اللحظة نفسها.
كن محددًا وملائمًا لعمر الطفل
تنصح غليك باستخدام أدوات ملموسة لتوضيح القواعد للجميع. شكل هذه الأدوات يعتمد على أعمار الأطفال وشخصياتهم وأنماط تعلمهم.
- بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا، غالبًا ما تكون مؤقتات التناوب أو الجداول البصرية الواضحة فعالة، حيث تساعدهم على توقع ما سيحدث بعد ذلك.
- بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، يمكن لعقد مكتوب يشارك الجميع في صياغته والتوقيع عليه أن يمنحهم فرصة للعمل معًا والاتفاق على أهداف مشتركة.
- بالنسبة للمراهقين، يمكن استخدام نهج أكثر حوارية في حل المشكلات، مثل: “لاحظنا أنك وأختك تواجهان صعوبة في مشاركة هذه المساحة. ما هي الحلول التي ترون أنها ستكون مفيدة؟”
تقديم تعزيز إيجابي مستمر
بمجرد وضع الأنظمة، قد يحتاج الأطفال لبعض الوقت للتعود على اتباعها. خلال هذه الفترة، من الضروري تعزيز السلوكيات المرغوبة وتجنب التركيز المفرط على السلوكيات غير المرغوبة.
تصف غليك هذه الاستراتيجية بـ “التجاهل النشط”: بدلاً من التركيز على الشكاوى والتذمر، نركز على الأوقات التي يلتزم فيها الأطفال بالقواعد بهدوء. يمكن تذكير الطفل بالقواعد أو الجدول عند مواجهة صعوبة في الالتزام، لكن من الأفضل عدم الانشغال باللوم أو الجدال لفترات طويلة.
لا يجب أن يكون التعزيز الإيجابي معقدًا. قد يكون مكافأة مثل وقت إضافي على الأجهزة أو وجبة خفيفة مميزة، أو مجرد تصفيق أو قول “عمل رائع في منح أخيك دوره في الوقت المحدد!” خاصة للأطفال الأصغر، فإن حتى الانتباه القصير والتأكيد الإيجابي من الوالدين يمكن أن يساعد الأشقاء على الالتزام بالقواعد.
التواصل بصراحة حول الاختلافات بين الأشقاء
من الطبيعي أن يواجه الأطفال في نفس العائلة ضغوطًا ومسؤوليات وروتينًا يوميًا مختلفًا. غالبًا ما يقول الأطفال: “لماذا يحصل أخي على قواعد مختلفة؟ هذا ليس عادلاً!”
أول خطوة في هذه الحالات هي توضيح الفرق بين “العدل” و”المساواة”. حاول التواصل بصراحة مع الأطفال حول الاختلافات بين الأشقاء وأسبابها. إذا غضب طفل أصغر لأن أخًا أكبر يحصل على وقت شاشة أطول، فإن شرح أن الطفل الأكبر يستخدم هذا الوقت للدراسة يمكن أن يكون مفيدًا. القواعد قد لا تكون نفسها لكل طفل، لكن هذا لا يعني أن الاختلافات غير عادلة.
يمكن أيضًا أن تكون هذه فرصة للأطفال لتعلم أن الحياة ليست دائمًا عادلة، فربما يكون جدول أحد الأطفال أطول يوميًا من الآخر، ولا يمكن تغيير ذلك.
توضيح الأدوار والمسؤوليات
يظهر أحد التحديات بشكل خاص عندما يتحمّل الأطفال الأكبر سنًا مسؤوليات أكثر في العائلة، سواء كان ذلك في رعاية الإخوة الأصغر أو العمل للمساعدة في المصاريف. هذه الضغوط قد تكون مرهقة للأطفال الأكبر سنًا.
توصي “غليك” ببعض الاستراتيجيات لضمان تلبية هذه المسؤوليات لاحتياجات الجميع:
- تحديد الأدوار بوضوح: أجرِ محادثة مفتوحة مع الجميع حول ما هو متوقع. تأكد من أن الأطفال الأكبر يعرفون نوع المساعدة المطلوبة منهم وأن الأطفال الأصغر يفهمون ما يفعله أشقاؤهم.
- وضع حدود مناسبة للعمر: من المهم تحديد حدود واضحة للمسؤولية، حتى لا يشعر الأطفال الأكبر بأن كل المسؤولية تقع على عاتقهم. متى يجب عليهم طلب المساعدة؟ وما الذي يمكنهم التعامل معه بأنفسهم؟
- المتابعة الدورية: خاصة لأن المراهقين والشباب غالبًا ما يواجهون ضغوطًا كبيرة، احرص على إبقاء الحوار مفتوحًا لمنح الأطفال الأكبر فرصة للتحدث والحصول على الدعم العاطفي.
تشير “غليك” أيضًا إلى أن تحمل المسؤولية في المنزل يمكن أن يكون مفيدًا للأطفال، حيث يمنحهم شعورًا بالثقة والسيطرة على محيطهم، ويساعدهم على الشعور بأنهم يقومون بدور إيجابي داخل العائلة.
تشجيع الروابط والتواصل
الأشقاء هم أول شركاء الأقران لكثير من الأطفال، حيث يتيح لهم التناوب والمشاركة وحل النزاعات ممارسة مهارات اجتماعية مهمة.
توصي “غليك” بالاستراتيجيات التالية لتعزيز التعاون بين الأشقاء:
- امتداح التفاعلات الإيجابية: كما يتم تعزيز السلوك الفردي الإيجابي، يمكن البحث عن فرص لمدح الأشقاء معًا، مثل: “أحببت كيف اتفقتم على قواعد لعبتكم معًا” أو “من الجميل أن تقرأوا معًا بهدوء.”
- تعزيز التجارب المشتركة: أي تجربة إيجابية يشاركها الأطفال معًا الآن يمكن أن تقوي روابطهم مستقبلًا، مثل ليلة فيلم عائلية أو المشي اليومي المشترك.
- مكافأة العمل الجماعي: إذا كان لدى الأطفال اهتمام مشترك أو نشاط مفضل، يمكن تشجيعهم على تحقيق أهداف معًا، مثل مشروع فنون أو نشاط طبخ، بحيث يصبح الإنجاز والاحتفال تجربة مشتركة.
تقول غليك إن الأطفال المحظوظين بوجود أشقاء لديهم شخص يعتمدون عليه ويتعلمون منه، حتى لو لم يشعروا بذلك دائمًا. تذكّر هذا يمكن أن يساعد الأطفال والآباء على الاستمتاع بعلاقات أكثر تناغمًا في المنزل.
المرجع :
How to Help Siblings Get Along
https://childmind.org/article/how-to-help-siblings-get-along/





