الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

كيف يمكننا مساعدة الأطفال الذين يعانون من اضطراب التعلم غير اللفظي (NVLD)؟

ترجمة : أ. نوره الدوسري

 

قراءة سريعة

الأطفال الذين يعانون من اضطراب التعلم غير اللفظي (NVLD) يواجهون مجموعة متنوعة من التحديات التعليمية. جميع هذه التحديات ترتبط بعدم القدرة على التعرّف على الأنماط، لكن طبيعتها تختلف من طفل لآخر. من المجالات التي قد يواجه فيها الأطفال المشخّصين بـ NVLD صعوبة: الأنماط البصرية، الأنماط الاجتماعية، التفكير المجرد، الرياضيات، والتنظيم.
الخطوة الأولى لمساعدة هؤلاء الأطفال هي تحديد نوع الأنماط التي يواجهون صعوبة في تمييزها.

يمكن للتقييم المتخصص أن يحدد بالضبط أي نوع من التعلم يواجه الطفل صعوبة فيه. بعدها، يمكن تقديم الدعم المناسب لاحتياجاته الخاصة. يشمل ذلك تعليمهم كيفية العثور على الأنماط التي قد يغفلون عنها بمفردهم. على سبيل المثال، يمكنهم تعلم كيفية استخراج الأفكار الرئيسية عند التعامل مع مفاهيم معقدة، والتدرّب على تقسيم المشكلات إلى خطوات أصغر. يمكن لهذه الاستراتيجيات أن تساعد أيضًا الأطفال الذين يواجهون صعوبات في فهم التفاعلات الاجتماعية. فبمجرد أن يتعلم الطفل نمطًا، يمكنه استخدامه كـ “سيناريو” للتعامل مع مواقف جديدة.

يمكن للوالدين المساهمة من خلال ممارسة هذه الاستراتيجيات مع أطفالهم في المنزل. كما أنه من المهم تشجيع الأطفال المشخصين بـ NVLD على استكشاف أشياء جديدة، وتعليمهم أن الفشل أمر طبيعي. ومن خلال التفكير بصوت عالٍ أمام الطفل عند مواجهة مشكلة، وشرح الخطوات المتبعة لحلها، يمكن أن يكتسب الأطفال تصورًا عمليًا لما يبدو عليه حل المشكلات، وبالتالي يصبحون أكثر قدرة على ممارسته بأنفسهم.

 

ماهو اضطراب التعلم غير اللفظي (NVLD)؟

الأطفال الذين يعانون من NVLD لديهم صعوبات تعليمية متنوعة، وجميعها ترتبط بعدم القدرة على التعرّف على الأنماط. وقد تكون هذه الأنماط بصرية، اجتماعية، متعلقة بالتفكير المجرد، مفاهيم رياضية، أو مهارات تنظيمية.
بعض الأطفال يتأثرون بعدة مجالات في آن واحد، بينما يعاني آخرون في مجالات محدودة. ولذلك، فإن الخطوة الأولى لمساعدة هؤلاء الأطفال هي فهم الكيفية التي يؤثر بها NVLD على كل طفل على حدة. فما هي نقاط الضعف الأساسية التي يعاني منها الطفل تحديدًا؟

 

تقييم نقاط الضعف

في مدارس ونستون التحضيرية (Winston Preparatory Schools)، التي طورت منهجًا ناجحًا للأطفال    المشخصين بـ NVLD، يُعتبر التقييم الخطوة الأولى والأهم. إذ يتم تقييم كل طالب في خمسة مجالات:

  1. الوعي البصري والمكاني.

  2. الفهم المعرفي المتقدم (higher-order comprehension).

  3. التواصل الاجتماعي.

  4. المفاهيم الرياضية.

  5. الوظائف التنفيذية.

يؤكد سكوت بيزسيلكو، المدير التنفيذي لمدارس ونستون، أن معظم الأطفال وأولياء أمورهم يأتون إلى المدرسة دون أن يفهموا السبب الذي يجعل عملية التعلم صعبة للغاية بالنسبة لهم. وبمجرد أن يحصل الطفل على فكرة واضحة عن “ملفّه التعليمي”، يشعر بالارتياح والتمكين في آن واحد. يقول بيزسيلكو:

“بدلًا من قائمة طويلة من الأعراض التي قد تدفعهم إلى الاستسلام، لديهم الآن ملف تعليمي يمكن للمعلمين استخدامه لتعليمهم بشكل مخصص.”

كما أن لهذا أثرًا عاطفيًا قويًا؛ إذ يشعر الأطفال، غالبًا للمرة الأولى، بأن هناك من يفهمهم بصدق. وهذا الفهم يمكن أن يغيّر صورتهم عن أنفسهم بسرعة مذهلة. فهم الآن يعرفون ما يحتاجون إليه، وكيف يطلبون المساعدة، وماذا يتوقعون من أنفسهم.

 

تعليم المهارات المفقودة

بعد تحديد الأعراض الخاصة بكل طفل، يتم جمعه مع طلاب آخرين لديهم نقاط ضعف مشابهة. وهذا يمنحهم شعورًا بأنهم ليسوا وحدهم، كما يتيح للمعلمين التركيز على تطوير المهارات التي يفتقدونها باستخدام كل مادة في المنهج الدراسي.

“نحن نقوم بعملية المعالجة طوال اليوم، في كل مادة، مهما كانت نقاط ضعفهم الأساسية”، يقول بيزسيلكو.

العامل الحاسم في نجاح التدخل هو الاستمرارية. فجميع المعلمين في جميع المواد يعالجون هذه النقاط باستخدام لغة تعليمية متسقة. ويشبه بيزسيلكو ذلك بالتدريب المكثف الذي يحصل عليه الأطفال المشخصين بعسر القراءة على قواعد اللغة، حيث يتعرضون مرارًا وتكرارًا لتمارين تساعدهم على التمييز بين الفكرة الرئيسية والتفاصيل، وما هو أساسي وما هو ثانوي.

 

استخدام “السيناريوهات” (Scripts)

سواءً كان الطلاب يدرسون علم الأحياء أو بدايات الحرب العالمية الثانية أو رواية “هاكلفن”، فإن الدروس تركز على تحويل الأمور التي قد تبدو غير منظمة لهم إلى أنماط واضحة. الأطفال الآخرون يلتقطون هذه الأنماط بشكل تلقائي، بينما يحتاج الأطفال المشخّصين بـ NVLD إلى أن يتم تعليمهم إياها بشكل مباشر، ليستخدموها لاحقًا في فهم الأمور المعقدة.

الهدف النهائي هو أن يصبحوا واعين بالأنماط والسيناريوهات لدرجة أنه حتى إذا واجهوا موقفًا جديدًا لا يعرفون له سيناريو محددًا، فإنهم سيبدؤون بالبحث عن النمط بأنفسهم.

وإذا وجدوا أنفسهم في موقف جديد وفشلوا، فإنهم يتعلمون أن عليهم تحديد النمط والخطوات اللازمة حتى لا يتكرر الفشل مرة أخرى، كما توضح إليزابيث مندلسون، المديرة التنفيذية ومديرة الأبحاث في مدارس ونستون.

 

التعلم الاجتماعي

التواصل الاجتماعي يعتمد هو الآخر على معرفة “السيناريو”. ولهذا، فإن مدارس ونستون تعطي مهارات التواصل الاجتماعي نفس أهمية المواد الأكاديمية. فإذا واجه الطالب سوء فهم مع أحد أقرانه، يقوم المعلم بمراجعة ما حدث مع الطالب خطوة بخطوة، تمامًا كما لو كان الأمر درسًا في مادة دراسية.

يقول بيزسيلكو:

“نحن نأخذ المواقف، نحللها، نساعدهم على فهم ما حدث بالفعل، ونعيد المحاولة مرارًا حتى يستوعبوا النمط.”

لكن هذه الأنماط الاجتماعية هي الأصعب لأنها ترتبط بمشاعر قوية. فحين يشعر الأطفال بالجرح أو الظلم، يكون من الصعب تعليمهم في تلك اللحظة.

 

دور الوالدين

يمكن للوالدين اتباع الاستراتيجيات نفسها في المنزل عند حدوث خلاف مع أحد الأشقاء أو مشكلة أثناء أداء مهمة. يوضح بيزسيلكو أن صعوبات الطفل لا تقتصر على العلوم أو التربية البدنية، بل تمتد لتؤثر على تفاعله مع أصدقائه وأسرته أيضًا.

أحيانًا يسيء الأهل تفسير الموقف؛ فحين يكون الطفل جامدًا أو متصلبًا في رأيه، قد يُنظر إليه على أنه عنيد أو غير محترم. بينما في الحقيقة، قد يكون السبب هو عدم فهمه للموقف، فيتفاعل بطريقة مشابهة لتفاعل أي شخص بالغ يواجه سوء فهم.

 

تشجيع الاستكشاف

قد تكون المواقف الجديدة صعبة ومرهقة للأطفال   المشخصين بـ NVLD، مما يجعلهم يتصرفون باندفاع أو يتراجعون تمامًا. لكن حمايتهم المفرطة من هذه المواقف قد تعيق نموهم.

يحتاج هؤلاء الأطفال إلى فرص لتجربة مواقف جديدة والفشل فيها، ولكن ضمن بيئة داعمة. إنهم بحاجة للتدرب على حل المشكلات والتعافي من الفشل.

يشدد بيزسيلكو على أهمية أن يرى الأطفال الكبار وهم يواجهون صعوبات أيضًا:

“يجب ألا يعتقدوا أنهم الوحيدون الذين يواجهون التحديات. جميعنا لدينا أمور نشعر فيها بالارتباك. يجب أن نشاركهم ذلك، ونعلمهم أن الأمر طبيعي، ونساعدهم على أن يكونوا أكثر مرونة.”

التفكير بصوت عالٍ أثناء محاولة حل مشكلة، وشرح الخطوات، يساعد الأطفال على رؤية ما يعنيه “حل المشكلات”. وغالبًا ما لا يعرفون بالضبط كيف تبدو هذه العملية.

 

خلاصة

الأطفال المشخصين باضطراب التعلم غير اللفظي يواجهون صعوبات متعددة، لكن هذه الصعوبات لا تعني أنهم غير قادرين على النجاح. من خلال التقييم الدقيق، والتعليم الموجّه، ودعم الوالدين، يمكن تزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع الأنماط وفهم المواقف الأكاديمية والاجتماعية. والأهم هو تعزيز مرونتهم، ومنحهم فرصًا للاستكشاف والفشل والتعلّم، حتى يصبحوا قادرين على مواجهة المواقف الجديدة بثقة.

 

المرجع :

How Can We Help Kids With Nonverbal Learning Disorder?:

http://childmind.org/article/how-can-we-help-kids-with-non-verbal-learning-disorder/