الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

خمس نصائح لتربية الطفل العنيد: كيف نحول العناد إلى قوة إيجابية

ترجمة: أ. نوره الدوسري

تربية طفل عنيد قد تكون تجربة مرهقة ومليئة بالتحديات، لكنها أيضًا فرصة عظيمة لبناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل والتفاهم. العناد ليس دائمًا سلوكًا سلبيًا؛ فهو في كثير من الأحيان يعكس شخصية قوية، وإصرارًا، ورغبة في الاستقلال. في هذا المقال، نستعرض خمس نصائح عملية مستندة إلى آراء الخبراء لمساعدة الأهل في التعامل مع الأطفال العنيدين بطريقة هادئة وبنّاءة.

أولًا: امنحوا الطفل خيارات ليشعر بالسيطرة

الأطفال ذوو الشخصية العنيدة غالبًا ما يرغبون في الشعور بأن لديهم سلطة على حياتهم. إن محاولة فرض الأمور عليهم بشكل صارم قد تؤدي إلى مزيد من المقاومة والرفض. لذلك، يُنصح بمنحهم اختيارات بسيطة لا تؤثر على الأمور الأساسية ولكن تعطيهم إحساسًا بالتحكم.

تقول الأخصائية التربوية هولي نوردنبيرغ:

“اسمحوا لهم باتخاذ قرارات بسيطة لا تهم كثيرًا في الصورة العامة، مثل اختيار لون الكوب الذي سيشربون منه أو اختيار اللعبة التي سيلعبون بها في الحديقة.”

السر هنا هو أن تكون كل الخيارات آمنة ومقبولة، حتى يكون القرار النهائي مناسبًا دائماً.
فعلى سبيل المثال، عندما يكون الجو باردًا، يمكن أن نسأل الطفل: “هل تفضل ارتداء السترة الزهرية أم الزرقاء؟” بهذه الطريقة، يشعر الطفل بالتحكم، وفي الوقت نفسه يلتزم بارتداء ما يحميه من البرد.
وبالمثل، عند وقت الوجبات، يمكن سؤاله: “هل ترغب بتناول التوت أم البرتقال كوجبة خفيفة؟” في جميع الأحوال، سينتهي الأمر بتناول طعام صحي.

تضيف الخبيرة لوري أندرسون، مؤسسة موقع Mom Informed:

“لا يمكنكم فقط أن تقولوا: ’هذه هي القاعدة وعليك الالتزام بها‘، لأن ذلك سيجعل الطفل أكثر مقاومة وعنادة. بدلًا من ذلك، استخدموا التفاوض والاختيار الموجّه.”

ثانيًا: تمهّلوا وافهموا السبب خلف السلوك

في كثير من الحالات، لا يكون العناد عنادًا حقيقيًا، بل يكون تعبيرًا عن إحباط أو صعوبة في أداء مهمة معينة. ربما يُطلب من الطفل القيام بأمر لا يمتلك المهارة اللازمة له بعد، أو قد يشعر بالتعب أو الارتباك في بيئة مزدحمة.

ينصح الخبراء بالتوقف لحظة قبل الرد بانفعال، وأخذ نفس عميق، وطرح أسئلة لفهم السبب الحقيقي وراء المقاومة.
هل يشعر الطفل بأنه مضغوط بالوقت؟ هل يحتاج إلى مساعدة إضافية؟
فهم هذه الجوانب يساعد الأهل في تلبية احتياجات الطفل دون الدخول في صراع يومي.

من المفيد أيضًا تحديد المواقف التي يتكرر فيها الصراع، مثل وقت النوم أو الخروج من المنزل أو تنظيف الأسنان. عند ملاحظة النمط، يمكن تعديل الجدول الزمني أو تقديم الدعم الإضافي لتخفيف التوتر في تلك اللحظات.

ثالثًا: ضعوا توقعات واضحة وروتينًا ثابتًا

على الرغم من أهمية منح الطفل مساحة من الحرية، إلا أن وجود قواعد وروتين يومي ضروري لتوفير الأمان والهيكلية. تقول أندرسون:

“أسهل طريقة لتطبيق القواعد هي من خلال روتين منتظم، مثل أداء الواجب بعد المدرسة مباشرة أو الذهاب إلى النوم في نفس الوقت كل ليلة.”

الروتين لا يحدّ من حرية الطفل، بل يساعده على فهم ما هو متوقع منه ويقلل من المواقف الصراعية.
كما توصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) بضرورة وضع قواعد ثابتة وعواقب واضحة عند خرقها، لأن الأطفال بحاجة إلى معرفة أن الأفعال لها نتائج.

ومع تقدم الطفل في العمر، يمكن إشراكه في وضع القواعد ومناقشة الأسباب خلفها، ما يعزز حسّ المسؤولية والتعاون.

رابعًا: كونوا قدوة في الهدوء والمرونة

الأطفال يتعلمون أكثر مما يرون من والديهم أكثر مما يُقال لهم. فإذا واجه الأهل المواقف الصعبة بعناد مماثل، فإن الطفل سيتعلم أن العناد هو وسيلة للتعامل مع الخلافات.

بدلًا من ذلك، حاولوا أن تكونوا نموذجًا للتعاطف والهدوء. اعترفوا بمشاعر الطفل أولًا، وأوضحوا أن مشاعره مهمة ومفهومة، ثم ساعدوه في إيجاد حلول واقعية.
يقول الخبراء إن هذا النهج يحتاج إلى صبر واستمرارية، لكنه يثمر على المدى الطويل، إذ يتعلم الطفل أن يعبر عن مشاعره دون غضب وأن يبحث عن حلول بدل المقاومة.

يمكن للأهل أيضًا تدريب الطفل على تقنيات تهدئة النفس، مثل التنفس العميق أو المشي القصير أو العد حتى عشرة.
من المهم ممارسة هذه التقنيات عندما يكون الطفل هادئًا، حتى يتمكن من استخدامها بشكل طبيعي عندما يغضب لاحقًا.

بالنسبة للأطفال الصغار، يمكن استخدام أسئلة المشاعر لتوسيع وعيهم العاطفي، مثل:
“هل أنت سعيد الآن؟ هل تشعر بالغضب؟ هل أنت حزين؟”
وعندما يواجهون موقفًا صعبًا، يمكن سؤالهم: “هل ترغب في التحدث عن شعورك؟”
إذا لم يرغب الطفل في الحديث، من الأفضل منحه بعض الوقت والعودة لاحقًا عندما يكون مستعدًا.
ولا ننسى أن التعزيز الإيجابي مثل عناق أو كلمات تشجيع بسيطة (“أحسنت أنك حاولت!”) يمكن أن يكون له تأثير عميق في تعديل السلوك.

خامسًا: اختاروا معارككم بعناية

ليس كل خلاف يستحق الجدال. بعض الأطفال يتعلمون أفضل من خلال الخبرة المباشرة، حتى وإن كانت النتيجة تجربة صغيرة للفشل أو الإزعاج.
تقول أندرسون:

“من الطبيعي أن يختبر الأطفال الحدود، ولكن من الأفضل أن يمروا بهذه التجارب في سن مبكرة حيث المخاطر محدودة.”

فبدلًا من الجدال المستمر، يمكن للأهل تقديم تحذير واضح وترك الطفل يختبر النتيجة الطبيعية لأفعاله.
على سبيل المثال، إذا رفض ارتداء غطاء الرأس تحت المطر، فسيتعلم من شعوره بالبلل أن النصيحة كانت لحمايته، وليس للسيطرة عليه.

هذه الطريقة تعلّم الطفل المسؤولية الشخصية وتجعل نصائح الوالدين أكثر قبولًا في المرات القادمة، لأنها ترتبط بخبرة حقيقية.

الخلاصة

الأطفال العنيدون هم في الغالب أطفال أقوياء الإرادة، حازمون، ومبدعون، وهذه صفات يمكن أن تكون نقاط قوة كبيرة في المستقبل إذا وُجّهت بشكل صحيح.
التعامل معهم يتطلب الصبر، الثبات، والحكمة في الموازنة بين الحرية والضبط.

ومع مرور الوقت، سيكتشف الأهل أن هذا “العناد” الذي كان يبدو مصدر تعب، هو في الواقع بذرة شخصية قيادية مستقلة.
قد يكون التحدي كبيرًا اليوم، لكن النتيجة هي طفل قادر على التفكير النقدي، واتخاذ قراراته بثقة، والوقوف بثبات على مبادئه.

تذكّروا دائمًا: الهدف ليس كسر عناد الطفل، بل توجيهه بحب وصبر ليصبح مصدر قوة إيجابية في حياته.

المرجع : 

5 Tips for Parenting a Stubborn Child

https://www.parents.com/parenting/better-parenting/tips-for-parenting-a-stubborn-child/