الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

اضطراب تنظيم العواطف

 

ترجمة : أ. نوره الدوسري

يشير اضطراب تنظيم العواطف إلى صعوبة إدارة المشاعر القوية والطريقة التي يستجيب الشخص لها. يُعد هذا الاضطراب شائعًا بين الأطفال، لكنه قد يستمر أيضًا حتى مرحلة البلوغ. كما يمكن أن يظهر جنبًا إلى جنب مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه(ADHD)، أو بعد التعرض للصدمات النفسية، أو مع اضطرابات المزاج، أو نتيجة حالات دماغية معينة. مع الدعم المناسب والعلاج واستخدام أدوات تنظيم الذات، يمكن لهذا العرض أن يتحسن بمرور الوقت.

تعريف اضطراب تنظيم العواطف
يعني اضطراب تنظيم العواطف صعوبة الشخص في التحكم بمشاعره وطريقة استجابته لها. عند حدوث ذلك، قد تبدو ردود الفعل أو المشاعر أقوى أو أكثر حدة مما يتوقعه الآخرون في مواقف معينة. على النقيض، يشير تنظيم العواطف إلى القدرة على فهم المشاعر وإدارتها بطرق صحية. يبدأ معظم الأشخاص بتعلم هذه المهارات في مرحلة الطفولة، وتتحسن مع مرور الوقت. تساعد القدرة على تنظيم العواطف على مواجهة التحديات، والتكيف مع التغيرات، والاستجابة لتقلبات الحياة بطريقة أكثر فعالية.

 

التطور الطبيعي لتنظيم العواطف

من الطبيعي أن يعبر الأطفال الصغار عن غضبهم أو انزعاجهم من خلال نوبات غضب أثناء تعلمهم كيفية إدارة مشاعرهم. تعتبر هذه الانفعالات جزءًا طبيعيًا من النمو، إذ يتعلم الأطفال التعبير عن مشاعرهم بطرق صحية. مع تقدم العمر، يطور معظم الأطفال مهارات تكيّف أفضل، وتصبح نوبات الغضب أقل تكرارًا وتختفي تدريجيًا. ومع ذلك، إذا لم تتطور هذه المهارات بالكامل، فقد يستمر اضطراب تنظيم العواطف حتى مرحلة المراهقة أو البلوغ.

بينما يتطور تنظيم العواطف عادة في الطفولة، إلا أن اضطراب تنظيم العواطف ليس مقتصرًا على فقدان المهارات المبكرة فقط. فقد يظهر لاحقًا بعد التعرض لصدمات أو مع بعض الحالات الصحية العقلية أو الجسدية. في هذه الحالات، قد تصبح الاستراتيجيات المكتسبة سابقًا أصعب في الاستخدام أو تتفكك عند التعرض للضغوط.

 

الأعراض والعلامات الشائعة

يمكن أن يؤثر اضطراب تنظيم العواطف على كيفية شعور الشخص، وتحدثه، وتصرفه. من الأعراض والعلامات الشائعة:

  • التصرف بشكل متهور أو اندفاعي

  • انغماس المشاعر في سبيل تحقيق أو وضع الأهداف

  • الشعور بالإحباط بسهولة نتيجة لمشكلات صغيرة أو مواقف مزعجة

  • صعوبة في التهدئة بعد الانزعاج أو الشعور بفقدان السيطرة على العواطف

  • الغضب المتكرر أو الانفعالات المتكررة

  • تقلبات المزاج المستمرة

  • الانزعاج أو الغضب بين النوبات

  • قول أو فعل أشياء يندم عليها لاحقًا عند الانفعال

  • الانسحاب أو الشعور بالخدر عند الانغماس بالمشاعر (الشعور بـ”الفراغ”، التوحد عن المحيط أو الانعزال)

قد تظهر المشاعر الكبيرة أحيانًا بصورة خارجية، مثل الصراخ أو ضرب الأبواب، وأحيانًا تتحول إلى الداخل، مثل الانعزال أو الصمت. كلا الأسلوبين يعدان طريقة طبيعية يحاول بها الدماغ والجسم التكيف عندما تصبح المشاعر قوية جدًا.

قد يلاحظ البعض الانفصال النفسي أو Dissociation، أي الشعور بالانفصال عن المشاعر أو الجسم، ويعد هذا رد فعل حماية قصير المدى تجاه الضغط النفسي أو الصدمة. إذا حدث بشكل متكرر أو أعاق روتين الحياة، يمكن لمقدّم الرعاية الصحية تقديم الدعم المناسب.

الأعراض الشديدة

تشمل العلامات الأكثر خطورة لاضطراب تنظيم العواطف:

  • انفجارات لفظية مثل الصراخ، البكاء، أو الصياح المستمر

  • سلوك عدواني أو عنيف تجاه الأشخاص، الحيوانات، أو الأشياء

  • صعوبة في الحفاظ على الصداقات أو العلاقات الاجتماعية

 

الأسباب المحتملة

قد يحدث اضطراب تنظيم العواطف عندما لا تتواصل أجزاء معينة من الدماغ أو لا تعمل معًا بشكل طبيعي. غالبًا ما يظهر مع حالات أخرى، ويعاني الكثير من الأشخاص من أكثر من سبب واحد. تشمل الأسباب الشائعة:

الحالات الصحية النفسية:

  • اضطرابات القلق

  • الاكتئاب

  • اضطراب ثنائي القطب

  • اضطرابات السلوك والتحكم بالنزوات مثل اضطراب السلوك، اضطراب المزاج المزعج، واضطراب التحدي المعارض

  • اضطرابات الشخصية مثل اضطراب الشخصية الحدية

  • اضطراب ما بعد الصدمة

  • اضطراب الوسواس القهري

الاختلافات العصبية والتطور الدماغي:
قد يحدث اضطراب تنظيم العواطف عندما يتطور الدماغ أو يعمل بطريقة مختلفة، مثل:

  • اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)

  • اضطراب طيف التوحد (ASD)
    العديد من الأشخاص المشخّصين بـ ASD يعانون أيضًا من الحساسية الشديدة للرفض (RSD)، وهي ليست حالة طبية مستقلة، لكنها شائعة جدًا، حيث يشعر الفرد بألم شديد أو ضغوط عند التعرض للرفض أو الفشل.

الحالات الدماغية أو الإصابات:

  • أورام الدماغ

  • الهذيان Delirium

  • أمراض الدماغ التنكسية مثل مرض الزهايمر أو الخَرَف

  • الصرع

  • إصابات الرأس مثل ارتجاج الدماغ أو إصابات دماغية رضية

  • العدوى الدماغية مثل التهاب الدماغ أو السحايا

  • التسمم أو اضطرابات تعاطي المخدرات

  • السكتة الدماغية

الصدمات والتجارب البيئية:
يمكن أن يحدث اضطراب تنظيم العواطف بعد التعرض للتنمر الطويل، أو الإساءة، أو أنواع أخرى من الضغط النفسي الشديد. تؤثر هذه التجارب على طريقة استجابة الدماغ والجهاز العصبي للخطر، مما يحافظ على حالة “الاستعداد العالي”، ويجعل من الصعب التحكم بالعواطف حتى بعد انتهاء الخطر. من المهم تذكر أن هذه الاستجابات ليست خطأ الشخص، بل هي ردود فعل طبيعية على التوتر المزمن أو الصدمة.

 

العلاج والرعاية

العلاج النفسي:
التحدث مع أخصائي صحة نفسية يمكن أن يساعد على فهم أسباب الأعراض وتعليم طرق صحية لإدارة المشاعر والسلوكيات. أنواع العلاج تشمل:

  • العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

  • العلاج الجدلي السلوكي (DBT)

  • العلاج بالقبول والالتزام (ACT)

  • العلاج الأسري

الأدوية:
قد يصف الطبيب أدوية لعلاج الحالات الأساسية، مثل مضادات الاكتئاب، أدوية ADHD، مضادات الذهان أو مثبتات المزاج.

الرعاية الداعمة:
إذا كان اضطراب تنظيم العواطف مرتبطًا بحالة طبية أخرى، يركز العلاج على معالجة المشكلة الأساسية، مثل إجراء جراحة لإزالة ورم دماغي.

المضاعفات المحتملة لعدم العلاج

قد يؤدي تجاهل اضطراب تنظيم العواطف إلى تأثيرات على:

  • الصداقات والعلاقات

  • المدرسة

  • العمل
    قد تتضمن الحالات الشديدة العدوان، السلوك المتهور، إيذاء النفس، أو الأفكار الانتحارية، مما يزيد من خطر الإصابات أو نتائج مهددة للحياة. يمكن لخدمات الطوارئ وخطط السلامة الشخصية أن تساعد فورًا، وتقليل هذه المخاطر يبدأ بالدعم المبكر.

 

الوقاية وبناء القدرة على التكيف

لا يمكن دائمًا منع اضطراب تنظيم العواطف، خصوصًا إذا كان سببها عوامل وراثية، أو اختلافات عصبية، أو مرض/إصابة. لكن يمكن تقليل المخاطر وبناء مرونة عاطفية عبر:

  • بناء شبكة دعم من أشخاص موثوقين

  • ممارسة تمارين الاسترخاء والتأمل واليقظة الذهنية

  • وضع حدود صحية وتقليل التوتر، مع تخصيص وقت للراحة

  • الحد من تناول الكحول والمواد المخدرة

  • حماية الدماغ من الإصابات، وإدارة الأمراض المزمنة، وعلاج العدوى مبكرًا

  • إبلاغ مقدم الرعاية بأي صدمات أو تنمر لتلقي الموارد المناسبة

 

متى يجب مراجعة الطبيب؟

ينبغي مراجعة الطبيب إذا كان اضطراب تنظيم العواطف يؤثر على الحياة اليومية، أو ظهر فجأة، أو ترافق مع أفكار إيذاء النفس أو الانتحار. كما يجب على الوالدين مراقبة أطفالهم، فتعلم تنظيم العواطف عملية تدريجية، وبعض الأطفال يحتاجون لدعم إضافي.

 

الخلاصة

اضطراب تنظيم العواطف ليس مسألة ضعف أو حساسية مفرطة، بل هو علامة على أن الدماغ يواجه صعوبة في إدارة المشاعر القوية. يمكن علاجه سواء ظهر منذ الطفولة أو بعد صدمة أو مرض. العلاج النفسي، الأدوية، والعادات اليومية الصحية تساعد على فهم المشاعر والتفاعل معها بطريقة صحية، ما يعزز القدرة على مواجهة التحديات اليومية بفعالية.

المرجع 

Emotional Dysregulation : 

https://my.clevelandclinic.org/health/symptoms/25065-emotional-dysregulation