الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

اضطراب المزاج التدميري، الضغط الأبوي، و أنماط التعلق لدى الآباء

 

ترجمة : أ. نوره الدوسري

مقدمة:

اضطراب المزاج التدميري (DMDD) هو اضطراب جديد نسبيًا تم تعريفه من قبل الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين في الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس (DSM-5) ليشمل الأطفال الذين يعانون من تهيج مزمن ونوبات غضب شديدة. يعاني الأطفال المشخصين بـ DMDD من صعوبة كبيرة في التحكم في مشاعرهم وتصرفاتهم، مما يجعلهم يتصرفون بطريقة تثير القلق لدى المحيطين بهم. تتراوح أعراض هذا الاضطراب بين الاكتئاب الداخلي مثل التهيج الشديد والتصرفات السلبية الخارجية مثل الانفجارات الغاضبة. على الرغم من وجود أبحاث حول الاضطراب نفسه، إلا أن هناك نقصًا في الدراسات التي تركز على العوامل الأبوية المرتبطة به. تهدف هذه المقالة إلى استكشاف العلاقة بين هذا الاضطراب وضغط الآباء وأنماط التعلق الخاصة بهم.

 

الضغط الأبوي وأثره على رعاية الطفل:

الضغط الأبوي هو شعور التوتر والضغط الذي يختبره الآباء أثناء تربية أطفالهم. يتعرض الآباء الذين يعانون من ضغط أبوي مرتفع إلى صعوبة في التعامل مع احتياجات أطفالهم العاطفية والسلوكية. وقد أظهرت الدراسات أن مستويات الضغط المرتفعة ترتبط بأساليب التربية السلبية، مثل تقليل الحنان واستخدام العقوبات القاسية، مما يؤدي إلى انخفاض فعالية التربية. علاوة على ذلك، يرتبط الضغط الأبوي الزائد بمشاكل سلوكية وعاطفية لدى الأطفال، مثل صعوبة في تنظيم العواطف، انخفاض القدرة على تحمل الإحباط، وصعوبة في مواجهة الضغوط النفسية.

في دراسة حديثة أجريت على الآباء الذين لديهم أطفال مصابون بـ DMDD، تم العثور على أن هؤلاء الآباء يعانون من مستويات أعلى من الضغط الأبوي المرتبط بتصرفات أطفالهم. بالمقارنة مع الآباء الذين لديهم أطفال يعانون من اضطرابات نفسية أخرى، كانت نتائج الضغط الأبوي أكثر حدة. كما لوحظ أن هؤلاء الآباء يواجهون تحديات أكبر في التعامل مع احتياجات أطفالهم العاطفية والسلوكية بسبب شدة الأعراض المرتبطة بـ DMDD.

 

أنماط التعلق الأبوي وأثرها:

التعلق هو الرابط العاطفي بين الآباء وأطفالهم. وفقًا لنظرية التعلق، يرتبط أسلوب التعلق لدى الآباء بكيفية تعاملهم مع أطفالهم وتربيتهم. أنماط التعلق تشمل أربعة أنواع رئيسية: التعلق الآمن، التعلق الخائف، التعلق المتردد، والتعلق المتجنب. هذه الأنماط تؤثر على كيفية تعامل الآباء مع الأطفال في مراحل مختلفة من حياتهم.

تشير الدراسات إلى أن الآباء الذين لديهم أسلوب تعلق غير آمن يعانون من صعوبة في التعامل مع أطفالهم بشكل إيجابي، ويواجهون مستويات أعلى من الضغط الأبوي. فعلى سبيل المثال، الآباء الذين يعانون من نمط التعلق المتردد (C) يميلون إلى أن يكونوا أكثر عاطفية ومتفاعلين في علاقاتهم مع أطفالهم، ما يمكن أن يؤدي إلى ردود أفعال غير مستقرة تجاه تصرفات الأطفال، وبالتالي زيادة مستويات الضغط الأبوي.

في الآباء الذين يعانون من نمط التعلق المتجنب (D)، يمكن أن يظهر هذا النمط على أنه تجنب لمشاعر الأطفال واحتياجاتهم العاطفية. قد يؤدي ذلك إلى تقليل مستويات الضغط الأبوي لأنه قد يتم تجاهل بعض المشاكل أو مواجهتها ببرود، لكن هذا التجنب قد يكون له آثار سلبية على العلاقة مع الطفل.

 

الارتباط بين الضغط الأبوي وأسلوب التعلق في المجموعة المصابة بـ DMDD:

تشير نتائج الدراسة إلى أن الآباء الذين لديهم أطفال مصابون بـ DMDD يعانون من مستويات مرتفعة من الضغط الأبوي المرتبط بتصرفات أطفالهم. هذه الأعراض التي تشمل الغضب المستمر والتصرفات الاندفاعية تجعل من الصعب على الآباء التعامل مع الأطفال بشكل فعال. على الرغم من ذلك، أظهرت الدراسة أن تأثير أسلوب التعلق الأبوي كان أكبر في المجموعة المصابة بـ DMDD مقارنة بالمجموعات الأخرى.

بالنسبة للآباء الذين يعانون من نمط التعلق المتردد (C)، كانت مستويات الضغط الأبوي أعلى بشكل ملحوظ. يرتبط نمط التعلق المتردد، الذي يتسم بالاعتماد العاطفي الزائد والقلق المستمر، بزيادة مستويات التوتر المرتبطة بتربية الأطفال. وهذا يرتبط ارتباطًا مباشرًا بتحديات التربية التي يواجهها هؤلاء الآباء مع أطفالهم المشخصين بـ DMDD.

 

الآباء المشخصين بـ DMDD وأثر أسلوب التعلق على سلوكهم التربوي:

أظهرت الدراسة أن الآباء الذين يعانون من أسلوب التعلق المتردد كانوا أكثر عرضة لتجربة مستويات مرتفعة من الضغط الأبوي. هذا يرتبط بتحدياتهم في إدارة سلوك أطفالهم بشكل يومي. في المقابل، لم يظهر الآباء الذين يعانون من أنماط التعلق الآمن أو المتجنب نفس المستويات العالية من الضغط الأبوي، مما يشير إلى أن أسلوب التعلق الآمن قد يعمل كوسيلة للحد من الضغط الأبوي.

وقد تبين أن الآباء الذين لديهم أسلوب التعلق المتردد قد يكون لديهم صعوبة أكبر في تربية أطفالهم بسبب ردود أفعالهم العاطفية المرتبكة. بينما الآباء الذين لديهم أسلوب التعلق المتجنب قد يتجنبون الانخراط العاطفي الكامل مع أطفالهم، ما يؤدي إلى انخفاض الضغط الأبوي لكن مع زيادة احتمالية وجود مشاكل في التواصل مع الطفل.

الاستنتاجات:

تعتبر نتائج هذه الدراسة مهمة لفهم العلاقة بين الضغط الأبوي وأسلوب التعلق في الآباء الذين لديهم أطفال مصابون بـ DMDD. أظهرت الدراسة أن الآباء الذين لديهم أطفال مصابون بـ DMDD يعانون من مستويات أعلى من الضغط الأبوي المرتبط بتصرفات الأطفال، وأن أسلوب التعلق المتردد يرتبط بزيادة مستويات الضغط الأبوي. كما أوضحت الدراسة أن إدخال التدخلات التي تشمل تدريب الآباء على إدارة التوتر وتحسين أساليب التعلق قد يساهم في تحسين النتائج العلاجية للأطفال المشخصين بـ DMDD.

بناءً على هذه النتائج، يمكن أن تساعد برامج التدخل التي تركز على تدريب الآباء في تحسين أساليب التربية وتقليل التوتر المرتبط بها. برامج مثل العلاج السلوكي الجدلي للأطفال (DBT-C) يمكن أن تكون مفيدة في تعليم الآباء استراتيجيات لتنظيم عواطفهم وتقليل الضغوط اليومية.



المرجع : 

 

Disruptive mood dysregulation disorder, parental stress, and attachment styles : 

https://www.frontiersin.org/journals/child-and-adolescent-psychiatry/articles/10.3389/frcha.2024.1430850/full