ترجمة : أ. نوره الدوسري
إذا كان أطفالكم يواجهون صعوبات سلوكية متكررة ومستويات عالية من التحدي، فقد يكون السبب هو اضطراب التحدي المعارض، المعروف اختصارًا بـ (ODD). يُعد هذا الاضطراب سلوكًا متواصلًا يتصف بالعناد، الرفض، والمعارضة تجاه الأشخاص ذوي السلطة مثل الأهل، المعلمين، والمختصين. من المهم التعرف على هذا الاضطراب، وفهم أعراضه، وتعلم الاستراتيجيات الفعالة لإدارته بشكل صحيح إذا تم تشخيص أطفالكم به.
ما هو اضطراب التحدي المعارض (ODD)؟
اضطراب التحدي المعارض هو اضطراب سلوكي يظهر عند الأطفال ويتميز بمستوى ملحوظ من السلوك السلبي والمعارض والمتمرد. يميل الأطفال المشّخصين بهذا الاضطراب إلى التحدي والمعارضة ليس فقط تجاه أقرانهم، بل أيضًا تجاه البالغين الذين يشغلون مواقع سلطة، مثل الآباء، المعلمين، والمدربين.
في كثير من الحالات، يرتبط اضطراب التحدي المعارض باضطرابات أخرى مثل القلق أو اضطرابات المزاج، وقد يظهر أحيانًا جنبًا إلى جنب مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) واضطرابات السلوك الأخرى.
لتشخيص الطفل باضطراب التحدي المعارض، يجب أن تكون الأعراض موجودة لفترة تزيد عن ستة أشهر، ويجب أن يكون سلوك الطفل مختلفًا بشكل واضح عن سلوك الأطفال الآخرين في نفس العمر والمستوى التنموي. كما يجب استبعاد أي اضطراب آخر أو حدث يمكن أن يفسر هذه التصرفات.
أعراض اضطراب التحدي المعارض
الأطفال الذين يعانون من مشاكل سلوكية ملحوظة قد يظهرون مجموعة من العلامات التي تشمل القلق، نوبات غضب متكررة وشديدة، سلوكيات تحايلية، أو تحدٍ مستمر للسلطة. غالبًا ما يُصنَّف هؤلاء الأطفال من قبل المعلمين، الأقران، أو الأهل على أنهم مزعجون، محبطون، أو حتى “سيئون”. بعض هذه التصرفات يشبه سلوك الأطفال الأصغر سنًا، إلا أن الفرق يكمن في أن أعراض اضطراب التحدي المعارض تحدث بشكل متكرر وتؤثر على التعلم والتفاعل الاجتماعي بشكل كبير.
تشمل الأعراض الشائعة لاضطراب التحدي المعارض ما يلي:
- نوبات غضب متكررة وشديدة.
- رفض الامتثال للأوامر من قبل الوالدين أو أي شخص آخر ذو سلطة.
- الجدال المستمر مع البالغين.
- التساؤل عن القواعد ورفض الالتزام بها.
- مقصود إثارة الانزعاج لدى الآخرين.
- لوم الآخرين على تصرفاتهم وسلوكياتهم.
- الانفعال السريع والغضب بسهولة تجاه الآخرين.
- التحدث بنبرة حادة أو صارمة.
- السعي للانتقام أو التصرف بطريقة انتقامية.
تجدر الإشارة إلى أن إحدى التحديات في تشخيص اضطراب التحدي المعارض هي أن بعض هذه الأعراض قد تشير إلى مشاكل نفسية أخرى، لذا فإن التقييم الدقيق من قبل مختص أمر ضروري.
إدارة اضطراب التحدي المعارض
التعامل مع طفل مشخص باضطراب التحدي المعارض قد يكون صعبًا ومرهقًا للأهل. على الرغم من أن هذا الاضطراب لا يمكن “علاجه” بمعنى القضاء عليه تمامًا، يمكن التركيز على إدارة سلوك الطفل وتقليل النزاعات اليومية من خلال استراتيجيات تربية فعالة وصحية.
فيما يلي بعض الاستراتيجيات العملية لإدارة سلوكيات الأطفال المشخّصين باضطراب التحدي المعارض:
- استخدام نبرة هادئة عند التعامل مع الطفل
يسعى الطفل المشّخص بـ ODD أحيانًا لإشراك الأهل في صراع على الإرادة. من المهم شرح موقفكم أو الطلبات بطريقة مختصرة وواضحة، ثم عدم الانخراط في نقاش طويل. الأطفال يجدون صعوبة في الجدال عندما لا يجدون أحدًا يرد عليهم. التفاعل المستمر في الجدال يمنح الطفل شعورًا بالسيطرة على الموقف. تذكروا أن قواعد المنزل تطبق على الجميع، وإذا تم كسر أحد القواعد من قبلكم كأهل، يمكنكم تطبيق عقوبة بسيطة على أنفسكم مثل الاعتذار أو أخذ وقت قصير للتفكير. هذا يعلم الطفل من خلال القدوة أن القواعد عامة ولا استثناء فيها، وأن الاعتذار عند الخطأ أمر طبيعي. - الاحتفال بالنجاحات الصغيرة للطفل
يواجه الأطفال المشّخصين باضطراب التحدي المعارض صعوبة في تنظيم مشاعرهم، مما يؤدي أحيانًا إلى نوبات غضب شديدة. عند تمكن الطفل من إدارة سلوكه لفترة أطول من المعتاد، من المهم الاحتفال بهذه النجاحات من خلال نشاط عائلي ممتع، مثل تناول وجبة في مطعم مفضل أو القيام بنشاط ترفيهي جماعي. أعربوا عن تقديركم للجهد الإضافي الذي بذله الطفل، واحرصوا على قضاء وقت ممتع معه عندما يكون هادئًا ومسترخيًا. - إنشاء بيئة منظمة وداعمة
من المعروف أن الأطفال يكونون أكثر قدرة على التحكم في عواطفهم عندما يكونون مرتاحين جسديًا، ويتمتعون بنوم كافٍ، وتغذية صحية، وممارسة نشاط بدني منتظم. لذلك، فإن وضع روتين منظم يشمل النوم الكافي، التغذية السليمة، والنشاط البدني المنتظم يعزز قدرة الطفل على التحكم بسلوكه، ويعود بالنفع على جميع أفراد الأهل. - تحديد بعض قواعد المنزل غير القابلة للنقاش وفرض عواقب واضحة
غالبًا ما يكون الأطفال المشّخصين باضطراب التحدي المعارض متوترين ولديهم حاجة قوية للسيطرة على البيئة من حولهم. للحفاظ على النظام دون شعور الطفل بالإحباط أو القمع، يُنصح بتحديد عدد قليل من القواعد البسيطة. على سبيل المثال: “نحن لا نؤذي أنفسنا أو الآخرين أو ممتلكاتنا، نستخدم لغة لطيفة ولا نرفع أصواتنا.” اعرضوا القواعد في مكان واضح وقرروا مسبقًا العواقب عند خرق أي قاعدة، حتى يعرف الطفل ماذا يتوقع. بعد تنفيذ العقوبة، استمروا في حياتكم الطبيعية دون التركيز على الحادثة السابقة، وبيّنوا للطفل أن كل يوم جديد يمثل فرصة لاتخاذ خيارات أفضل.
إن التعرف المبكر على اضطراب التحدي المعارض وتطبيق استراتيجيات إدارة السلوك المناسبة يسهم بشكل كبير في تقليل التوتر داخل الأسرة وتحسين العلاقات بين الأطفال والأهل، ويتيح للأطفال فرصة لتطوير مهارات اجتماعية وعاطفية تساعدهم على النجاح في الحياة اليومية والدراسة. التواصل المفتوح، الصبر، والقدوة الإيجابية هي مفاتيح أساسية للتعامل مع هذا الاضطراب بفعالية.
المرجع :
Oppositional Defiant Disorder (ODD): Symptoms and Management
https://www.brainbalancecenters.com/blog/managing-oppositional-defiant-disorder-kids





