الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والعادات اليومية التي تدوم

 ترجمة : نوره الدوسري

يعاني العديد من الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من صعوبة الالتزام بالعادات اليومية، ويبدو أن مجرد التفكير في وضع روتين ثابت قد يثير لديهم شعورًا بالإحباط والرغبة في الهروب. محاولة بناء روتين والالتزام به تشبه الوقوع في دورة مستمرة من الفشل والإحباط. ومن المهم توضيح أمر جوهري: هذه الصعوبة ليست دليلًا على قلة الإرادة أو الفشل الشخصي، بل هي نتيجة طبيعية لاختلاف الدماغ العصبي لدى المصابين بالاضطراب.

لماذا يبدو الروتين مستحيل لدى الأشخاص المصابين بالاضطراب؟

الروتين التقليدي غالبًا ما تفشل لأنها لم تُصمّم بما يتوافق مع احتياجات الدماغ المصاب باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. الدماغ المصاب بالاضطراب يبحث عن الجديد ويواجه صعوبة في تنفيذ المهام التي تتطلب وظائف تنفيذية قوية، مثل التخطيط والتنظيم والقدرة على البدء في المهام والانتهاء منها. عند محاولة الالتزام بروتين صارم، غالبًا ما يشعر الشخص بالإرهاق العقلي، وقد تنهار الخطط حتى بعد أيام قليلة من الالتزام بها.

التحدي ليس في نقص الرغبة أو الانضباط، بل في أن معظم النصائح حول بناء الروتين مُعدّة للأشخاص ذوي الدماغ الطبيعي، الذين لا يواجهون الصعوبات نفسها في التركيز والتحفيز وإدراك الوقت.

الفجوة العصبية للأشخاص ذوي ADHD

الدماغ المصاب باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يحتاج إلى تحفيز مستمر ويبحث عن المكافآت السريعة. لذلك، الروتين الصارم والمتكرر يمكن أن يبدو وكأنه عقاب. الأنشطة البسيطة اليومية، مثل ترتيب الصباح، تتطلب جهدًا ذهنيًا هائلًا مقارنة بالأشخاص ذوي الدماغ الطبيعي. هذه الصعوبات تعود أساسًا إلى تحديات الوظائف التنفيذية، وهي “فريق إدارة الدماغ” المسؤول عن التخطيط، والتنظيم، وبدء المهام، والتحكم في الانفعالات. عند ضعف هذه المهارات، يمكن أن تنهار أي خطة حتى لو كانت بسيطة.

الهدف هنا ليس إجبار الدماغ على العمل كدماغ طبيعي، بل بناء إطار مرن يدعم wiring الدماغ الفريد ويقدم هيكلًا دون أن يكون مقيدًا.

نهج أكثر تفهمًا ورحمة

بدلًا من لوم نفسك، يجب تبني عقلية جديدة. المفتاح لجعل الروتينات تعمل مع دماغ ADHD هو العمل معه وليس ضده. ذلك يعني تصميم أنظمة تكون:

  • مرنة: بحيث تستوعب أيام الطاقة المنخفضة والتغيرات غير المتوقعة.

  • مرئية: التذكيرات الخارجية ضرورية، فالذي لا يُرى ينسى.

  • صديقة للدوبامين: إضافة مكافآت صغيرة وعناصر جديدة تحفز الدماغ وتحافظ على الاهتمام.

  • بسيطة: ابدأ بعادة واحدة صغيرة، لا بمحاولة تغيير حياتك كاملة دفعة واحدة.

برامج مثل تطبيق Inflow مبنية على هذه المبادئ، حيث توفر دروسًا قصيرة وأدوات تساعد على فهم الدماغ وبناء أنظمة تدعم الشخص بالفعل.

معرفة أسباب مقاومة الدماغ للروتين

الشعور بأن دماغك يقاوم أي روتين ليس مجرد وهم، بل هو نتيجة كيمياء الدماغ العصبي. الفهم العلمي لهذه الأسباب يعزز التعاطف مع الذات ويساعد في بناء استراتيجيات فعالة.

مشكلة الدوبامين

الدماغ المصاب باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لديه علاقة معقدة بالدوبامين، الناقل العصبي المسؤول عن التحفيز والمكافأة والانتباه. غالبًا ما تكون مستويات الدوبامين أقل من الطبيعي، مما يجعل الدماغ يبحث باستمرار عن أنشطة تمنحه شعورًا سريعًا بالرضا. الأنشطة المتكررة والمملة تعطي شعورًا ضعيفًا بالدوبامين، مما يجعل البدء فيها صعبًا للغاية. لهذا السبب، من الضروري دمج عناصر جديدة ومكافآت صغيرة في الروتين اليومي.

صعوبة إدراك الوقت

يعاني العديد من المصابين بـADHD من “عمى الوقت”، أي صعوبة في تقدير مرور الوقت أو مقدار الوقت المتبقي لإنجاز مهمة. هذا يؤدي إلى صعوبات في الانتقال بين الأنشطة أو الالتزام بالمهام في الوقت المحدد. الحل يكمن في استخدام أدوات بصرية وصوتية لتوضيح مرور الوقت، مثل المؤقتات المرئية أو أجهزة ذكية لتقديم تذكيرات سمعية.

ضعف الذاكرة العاملة

الذاكرة العاملة تشبه “الملاحظات اللاصقة” داخل الدماغ، وتحمل المعلومات اللازمة لإكمال مهمة معينة. أي تشتيت صغير، مثل إشعار على الهاتف، يمكن أن يجعل الشخص ينسى ما كان ينوي فعله، ويؤدي إلى انهيار الروتين. الحل هو تحويل الروتين إلى أدوات خارجية: قوائم مرئية، منبهات، تذكيرات، وأدوات تساعد على دعم الذاكرة العاملة.

بناء روتين صديق للدماغ المصاب بالاضطراب

الخطوة الأولى هي التخلي عن فكرة الكمال. الهدف هو تصميم إطار داعم ومرن يبدأ بخطوات صغيرة قابلة للتحقيق:

  • ابدأ بعادات صغيرة جدًا: مثل وضع طبق واحد في غسالة الصحون بدل تنظيف المطبخ كله.

  • ربط العادات بالعادات القائمة: تسمى تقنية “تكديس العادات”، حيث تُضاف العادة الجديدة بعد عادة قائمة بالفعل، مثل أخذ الدواء بعد إعداد القهوة صباحًا.

  • استخدام المؤشرات الخارجية: ضع تذكيرات بصرية وصوتية في البيئة المحيطة لتحفيز الانتقال بين المهام، مثل وضع الدواء بجانب ماكينة القهوة أو وضع ملاحظة على المرآة لتذكيرك بتنظيف الأسنان.

الأدوات والتقنيات لدعم الروتين اليومي

  • المؤقتات المرئية: تساعد على إدراك مرور الوقت بشكل حقيقي.

  • الأجهزة الذكية: يمكن إعدادها لتقديم تذكيرات صوتية في الوقت المناسب.

  • تطبيقات مخصصة لADHD: مثل تطبيق Inflow، الذي يقدم دروسًا قصيرة وأدوات تتبع العادات وتذكيرات مصممة لدعم الدماغ المصاب بالاضطراب.

تجاوز العقبات اليومية

روتينك لن يكون مثاليًا دائمًا. هناك أيام منخفضة الطاقة أو أحداث غير متوقعة. الحل هو وجود خطة احتياطية تعرف بـ”اليوم القابل للحد الأدنى”، والتي تحتوي على 2–3 مهام أساسية فقط لضمان الاستقرار ومنع انهيار كامل.

التعامل مع الملل

لأن دماغ ADHD يبحث عن الجديد، يمكن أن يصبح الروتين مملًا مع الوقت. الحل هو إدخال بعض التغييرات الصغيرة:

  • قائمة خيارات: لمنح الدماغ شعور الاختيار، مثل اختيار المشي أو التمدد أو الرقص بعد الغداء.

  • إعادة ضبط الروتين بشكل دوري : مراجعة الروتين كل بضعة أسابيع لإضافة تغييرات جديدة قبل أن يشعر الدماغ بالملل.

شرح الأمر للعائلة والأصدقاء

من المهم أن يفهم الأشخاص غير المصابين بالاضطراب أن الالتزام بالروتين صعب بسبب wiring الدماغ والوظائف التنفيذية والدوبامين، وليس بسبب نقص الإرادة أو الكسل. يمكن استخدام تشبيهات مثل محاولة الركض مع أوزان على القدمين لتوضيح الصعوبة.

الخلاصة

بناء روتين يومي للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يحتاج إلى نهج مرن، أدوات داعمة، وعادات صغيرة يمكن تحقيقها بسهولة. المفتاح هو فهم الدماغ، استخدام المكافآت الصغيرة، والبدء بخطوات صغيرة مستمرة لبناء عادات تدوم على المدى الطويل.

 

المرجع : 

ADHD and Routines That Actually Stick

https://www.getinflow.io/post/adhd-and-routines