الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

كل ما تحتاج معرفته عن اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي لدى الأطفال

كل ما تحتاج معرفته عن اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي لدى الأطفال

كل ما تحتاج معرفته عن اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي لدى الأطفال

بقلم: أ. سما حسون

المقدمة

في كثير من الأحيان، يُلاحظ الأهل والمعلمون أن طفلًا يتحدث بطلاقة، لكن مع ذلك يُسِيء فهم المواقف الاجتماعية، أو يتصرف بطريقة غريبة أثناء المحادثة. قد يُظن أنه خجول أو قليل الذكاء أو “غير اجتماعي”، إلا أن الأمر قد يكون أعمق من ذلك بكثير. نحن هنا أمام اضطراب نمائي يُدعى “اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي” (Social (Pragmatic) Communication Disorder – SPCD). في هذه المقالة، نلقي الضوء على هذا الاضطراب الغامض، ونناقش أسبابه، وأعراضه، وطرق تشخيصه، بالإضافة إلى التدخلات العلاجية المبنية على الأدلة.

ما هو اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي؟

هو اضطراب يؤثر على الاستخدام الوظيفي للغة في السياق الاجتماعي، ويُصنّف ضمن الاضطرابات النمائية العصبية حسب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5. يتميّز الأطفال المشخصين باضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي بقدرة جيدة – أو حتى طبيعية – على الكلام من حيث المفردات والقواعد، لكنهم يواجهون صعوبة في:

  • بدء المحادثات أو إنهائها بشكل مناسب.

  • استخدام اللغة بحسب السياق (كالتحدث مع الكبار بطريقة رسمية).

  • فهم النكات، التلميحات، أو المعاني الضمنية.

  • تتبع قواعد الحوار، مثل أخذ الدور في الحديث.

الفرق بين اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي واضطراب طيف التوحد

غالبًا ما يُخلط بين التواصل الاجتماعي البراغماتي واضطراب طيف التوحد، خاصة وأن كلاهما يتضمن صعوبات في التفاعل الاجتماعي. لكن الفروق الرئيسية هي:

المعيار

 التواصل الاجتماعي البراغماتي

اضطراب طيف التوحد

التواصل غير اللفظي

سليم غالبًا

متأثر (نقص في تعابير الوجه، التقاء البصر)

السلوكيات النمطية

غير موجودة عادةً

موجودة (حركات متكررة، اهتمامات ضيقة)

المهارات اللغوية الأساسية

طبيعية أو شبه طبيعية

قد تكون ضعيفة أو لا تتطور بشكل طبيعي

الأعراض السلوكية الشائعة لاضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي

  • استخدام لغة غير مناسبة للسياق أو الموقف.

  • عدم القدرة على تعديل اللغة حسب المستمع (مثل التحدث مع الأطفال بنفس أسلوب التحدث مع البالغين).

  • صعوبة في سرد القصص أو شرح الأفكار بشكل متسلسل.

  • التحدث بشكل مفرط أو التوقف المفاجئ في المحادثة.

  • عدم فهم تعابير الوجه او نبرة الصوت عند الآخرين.

أسباب اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي

السبب الدقيق لـ اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي غير معروف، لكن الأبحاث تشير إلى احتمالية تفاعل عدة عوامل:

  • عوامل وراثية: وجود تاريخ عائلي لاضطرابات اللغة أو اضطراب طيف التوحد.

  • اختلالات عصبية: اختلافات في تطور مناطق الدماغ المرتبطة بالمعالجة اللغوية والاجتماعية.

  • البيئة المبكرة: نقص في التفاعل اللغوي الاجتماعي خلال السنوات الأولى من الحياة.

كيف يتم تشخيص اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي؟

يتطلب تشخيص اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي تقييمًا دقيقًا من فريق متعدد التخصصات (أخصائي نطق ولغة، طبيب نفسي، أخصائي تحليل سلوك…). يعتمد التقييم على:

  • مقابلات مع الأهل والمعلمين.

  • ملاحظة الأطفال في مواقف اجتماعية طبيعية.

  • اختبارات مقننة لقياس الفهم البراغماتي.

  • التأكد من أن الأعراض لا تعود إلى اضطرابات أخرى كاضطراب طيف التوحد أو تأخر اللغة.

التدخل العلاجي لاضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي

  1. جلسات علاج النطق والتواصل:
    تركز على تحسين:

  • استخدام اللغة في المحادثات الواقعية.

  • مهارات أخذ الدور والانتباه للسياق.

  • تفسير الإشارات الاجتماعية.

  1. التدريب الاجتماعي الجماعي:
    يوفّر للاطفال فرصًا لتطبيق المهارات التواصلية مع أقرانه ضمن بيئة آمنة وتوجيه مباشر.

  2. التدخلات السلوكية:
    مثل تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، تُستخدم لتشكيل سلوكيات تواصلية وظيفية وتعزيزها.

  3. تمكين الأسرة والمدرسة:
    يشمل تدريب الأهل والمعلمين على أساليب دعم المهارات التواصلية وتقديم نماذج لغوية غنية.

أثر اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي على جودة الحياة

إذا لم يُشخّص اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي ويُعالج مبكرًا، فقد يؤدي إلى:

  • عزلة اجتماعية.

  • صعوبات أكاديمية، خصوصًا في المواد التي تتطلب مهارات تواصل كتابي أو شفهي.

  • تدنّي الثقة بالنفس.

  • ازدياد خطر التشخيص بالقلق الاجتماعي أو الاكتئاب.

علاقة اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي مع الاضطرابات الأخرى

يرتبط اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي باضطرابات أخرى مثل:

  • اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه: مما يزيد من تعقيد سلوك الأطفال وتفاعلهم.

  • اضطرابات اللغة التعبيرية: قد تؤثر على وضوح الأطفال رغم قدرتهم على النطق.

  • القلق الاجتماعي: ناتج عن صعوبات التواصل المتكررة.

دور المدرسة في الاكتشاف المبكر

المدرسة تُعد بيئة مثالية لرصد مؤشرات اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي مثل:

  • عزوف الاطفال عن التفاعل.

  • سوء الفهم المتكرر مع الأقران.

  • ضعف التعبير الكتابي والشفهي في الأنشطة الصفية.

التدريب الموجه للمعلمين يسهم في إحالة الأطفال للفحص في الوقت المناسب.

التكنولوجيا كأداة مساعدة

  • تطبيقات المحادثة الاجتماعية: تقدم سيناريوهات للتدريب الواقعي.

  • الواقع المعزز: يساعد في بناء التفاعل بطريقة آمنة وموجهة.

  • العلاج عن بعد: بديل مفيد للأطفال في المناطق النائية أو ظروف خاصة.

أهمية الدعم المجتمعي

من المهم أن يُفهم اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي كحالة قابلة للدعم والتحسين. التوعية، والشمول، وخفض الوصمة الاجتماعية كلها عناصر ضرورية لإعادة إدماج الأطفال بشكل صحي.

الخاتمة

رغم أن اضطراب التواصل الاجتماعي البراغماتي لا يظهر بوضوح مثل غيره من الاضطرابات، إلا أن أثره يتسلل إلى أعماق حياة الأطفال اليومية. الفهم الدقيق له، إلى جانب التشخيص والتدخل المبكر، يصنعان فارقًا حقيقيًا في حياة الأطفال المشخصين به. الأهل، والمعلمون، والمختصون، جميعهم شركاء في رحلة الأطفال نحو التواصل الفعّال، لا بالكلمات فحسب، بل بفهم السياق، ومراعاة الآخر، والتفاعل الإنساني السليم. الفجوة بين أن “يتحدث الأطفال ” و”يُفهم” يمكن ردمها عندما نتعامل مع اللغة كوسيلة للفهم، لا مجرد وسيلة للنطق.

المراجع:

  • American Psychiatric Association. (2013). Diagnostic and statistical manual of mental disorders (5th ed.).

  • Adams, C., & Lloyd, J. (2016). Pragmatic language impairment: Real-life social communication problems. Child Language Teaching and Therapy, 32(2), 167–179.

  • Volden, J. (2018). Pragmatic language in autism spectrum disorder: A review of current communication treatment. Pediatrics and Child Health, 23(2), 76–80.